حتى نكون من النصر أقرب

مارس
28

سهير أومري | أوكسجين
أوكسجين العدد ( 95 ) السنة الثالثة – الجمعة 31\01\2014  
سؤال يوجه إلينا من كل بقعة نحط رحال اللجوء فيها: “متى ستنتصر الثورة ويصلح الحال في سوريا؟”.
ربما لا يكون لدينا جواب محدد عن هذا السؤال، ولكننا على يقين أن انتصار الثورة وصلاح الحال في سوريا ليس مرتبطاً بسقوط النظام فحسب، بل مرتبط بإسقاط كل ما أوصلنا إليه ، وكل ما جعلنا في واقع لم نستطع الخلاص منه إلا بملايين التضحيات.
صلاح حالنا مرتبط بإسقاط كل المنظومة الفكرية والاجتماعية التي مكَّنت نظاماً سفاحاً مجرماً من حكمنا، والبقاء جاثماً على رقابنا وأنفاسنا أكثر من أربعين عاماً.
المنظومة الفكرية وأخص بالذكر منها ما كان مبنياً على قواعد دينية مثل:
** الحث على الصبر والدعوة إليه والترغيب فيه، بما في ذلك الصبر على الظلم، والصبر على إهدار الحقوق وسفك الدماء!، والصبر على كل جهود الإعلام في طمس الهوية الدينية للأجيال وتغريبهم وسلخهم عن تاريخهم وأمتهم!.
**الدعوة إلى الزهد في الحياة الدنيا لدرجة العزوف عن إعمارها، والهروب من مسؤوليات الإدارة والقيادة والحكم فيها، والانسحاب من دورنا في القيام بمهام خلافتنا فيها، الخلافة التي تقتضي منا إقامة الحق، ومحاربة الباطل، وإرساء دعائم الرقي والحضارة في ربوعها.
** الاستسلام السلبي للمبدأ المتمثل في قوله تعالى: (وأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض)، والقعود عن كل دور لنا في الحياة انتظاراً لقوة خارقة تذهب بالزبد، وتظهر ما ينفع الناس من الأعماق وعدم بذل أي جهد للإطاحة بهذا الزبد ولاستخراج ما ينفع الناس من الداخل.
** اقتصار مفهوم التدين والعبادة على العبادات الشعائرية على نحو يحقق أعلى درجات فصل الدين ليس عن الدولة فحسب، بل عن الحياة بأسرها أيضاً، بحيث يتناول العابد في صلاته وصيامه وحجه وعمرته وتلاوته للقرآن وأذكاره أقراص تخدير، تثنيه عن أي دور فاعل في الحياة في إقامة شرع الله تعالى سلوكاً وعملاً متمثلاً في إغاثة الملهوف، ونصرة المظلوم، والأخذ على يد الظالم، وإقامة العدل، والكف عن الرشوة والربا وأكل مال الغير، وعن كل ما يغضب الله تعالى.
** ومن ذلك أيضاً مفهوم تقبل الرأي الآخر الذي شاع في الآونة الأخيرة، وبات من يتمثله مميزاً بانفتاحه ورقيه ولكن على نحو مُحيت فيه هويتنا وانتماؤنا، وتماهينا مع الرأي الآخر وصرنا نحن الرأي الآخر نفسه، مهما كان بعيداً عن عقيدتنا وأفكارنا وأهدافنا ونبض أمتنا ودون أية ضوابط أو قيود لقبوله.
** ومن ذلك أيضاً مبدأ (عليكم أنفسكم) واستخدامه في الحياة على نحو يقود إلى السلبية والانهزام، والانسحاب وقتل الطموح والهروب من تحمل المسؤولية دون الانتباه إلى صيغة الجمع المقتضية لحمل الفرد مسؤولية (أنفسكم) أي نفسه وكل نَفس من حوله.
** ومن المبادئ الفكرية الدينية المغلوطة التي علينا إسقاطها أيضاً مبدأ الإذعان بأن كل من يصل إلى سدة الحكم إنما هو الحاكم بأمر الله، فالله تعالى هو (من ولاه أمرنا) مهما كان عليه من ضلال وفساد، ومهما كان سبب وصوله إلى الحكم ولو كان هذا السبب تخاذلنا وتقاعسنا، المهم أن علينا تجاهه السمع والطاعة فحسب دون حساب، ودون النطق بكلمة الحق أمامه أو رفض جرائمه وسفكه لبحار الدماء.
وغيرها من المبادئ الفكرية الدينية التي لن يكون لإسقاط النظام معنى ما لم نسقطها، ونعلي بناء سوريا وفق فكر حرٍّ يفهم أحكام الدين وتعاليمه بما يحقق مقاصده، وحيحقق الغاية العظمى من وجودنا في هذه الحياة الدنيا ألا وهي خلافة الله تعالى في أرضه وإعمارها .
Soher Omari


لا يوجد ردود

أضف رد