قبل الانشقاق عن الثورة… لحظة حاسمة لضبط البوصلة

مارس
28


سهير أومري | أوكسجين
أوكسجين العدد (96) السنة الثالثة – السبت 08/02/2014

مع مرور ثلاثة أعوام على الثورة السورية، ومع تداخل الأوراق بين التطرف والإرهاب وبين تنفيذ الأجندات، واستمرار القصف والحصار، ورغم كل المؤتمرات والاجتماعات صار يتخذ كثيرٌ من السوريين أحد موقفين

الأول: القناعة التامة أنه لم يعد لنا أي دور في تحقيق النصر من بعد ما اتخذنا كل الأسباب والوسائل، فخرجنا في مظاهرات سلمية، وتحدينا الظلم ونصرنا المصابين والمعتقلين، وبذلنا تضحيات كثيرة وصبرنا، ولكننا حتى اليوم لا نعرف للنصر طريقًا، فلم يعد أمامنا إلا الدعاء بالفرج، وانتظار قدر الله فيما يريده، ولو أراد أن ينصرنا لنصرنا.

الثاني: الندم على قيام الثورة والانقلاب عليها، والانشقاق عنها إلى صفوف النظام أو إلى صف ثالث يلعن كل الأطراف، ويقرّ بعدم صلاحية أحد

. ولكن بالعودة إلى التاريخ فإننا نجد أن مأساتنا لم تكن حدثًا طارئًا في مسيرة حياة الشعوب والأمم, بل هناك من الجرائم والمجازر ما يفوق التصورات. ومن خلال عرض سريع لأرقام سجلها التاريخ بحسب ويكبيديا نجد مثلًا:

سقوط بغداد على يد المغول:

عندما حاصر المغول بقيادة هولاكو خان بغداد عام 1258، هزم جيش الخليفة بقيادة مجاهد الدين أيبك بالقرب من بغداد، واستمر الحصار 12 يومًا انتهى بدخول المغول المدينة واستباحتهم لها وقتلهم للخليفة المستعصم. حاول الأهالي الفرار ولكن المغول اعترضوهم وقتلوهم, وكان عدد القتلى حوالي 90,000 حسب إلا أن تقديرات أخرى أعطت أعدادًا أكبر بكثير من هذا الرقم, من 200,000 حتى أكثر من مليونين شخص.

الحروب الصليبية
: استولى الصليبيون على أنطاكية شمال الشام، وأسسوا فيها أول إمارة لهم، ثم اتجهوا إلى مدينة القدس. لم يستطع جيش الفاطميين فك حصارهم للمدينة الذي استمر شهرًا كاملًا، فدخلوها في النهاية في 15 يوليو سنة 1099م، وارتكبوا فيها مذبحة قضوا على سكانها جميعًا رجالًا ونساءً وأطفالًا، واستباحوا مدينة القدس أسبوعًا يقتلون ويدمرون و قتلوا في ساحة الأقصى سبعين ألفًا من المسلمين. يذكر أن القائد الصليبي ريموند احتل “معرة النعمان” وقتل فيها مئة ألف.

في الأندلس:

حلت نكبة مروعة بالمسلمين في معركة العقاب سنة 609هـ، حتى كاد الأمير الناصر لدين الله أن يقتل في المعركة وخسر المسلمون عشرات الآلاف من القتلى حتى قيل أن قتلاهم بلغوا مئتي ألف.

محاكم التفتيش في الأندلس:

اقترح القس “بليدا” قطع رؤوس كل العرب دون استثناء، بعد أن قد قتل في قافلة واحدة للمهاجرين قرابة مئة ألف في كمائن نصبها مع أتباعه. حملة نابليون على مصر: في معركة الأهرام حقق بونابرت انتصارًا باهرًا على المماليك، كان الفرنسيون يطلقون النار على المماليك من جميع الجهات دون توقف، ولم يستطع هؤلاء قتال الفرنسيين. أسفرت المعركة عن مقتل 300 جندي فرنسي وحوالي 6,000 مصري.

الحرب العالمية الثانية:

1937 – 1945م تعد الحرب العالمية الثانية من الحروب الشمولية، وأكثرها كلفة في تاريخ البشرية لاتساع بقعة الحرب وتعدد مسارح المعارك والجبهات. شارك فيها أكثر من 100 مليون جندي، فكانت أطراف النزاع دولًا عديدة والخسائر في الأرواح بالغة. أزهقت هذه الحرب زهاء 61 مليون نفس بشرية بين عسكري ومدني.

هذه الأرقام تشير إلى أن تغير مسار حياة الأمم لم يكن في يوم من الأيام إلا بكثير من الوقت والدماء، وحالة الشك والتردد حالة طبيعية لم تكن عن صحابة رسول الله ببعيدة، يوم الخندق قال تعالى:
(إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا) 10 – 11 الأحزاب

وهذا حال أمم كثيرة خلت من قبلنا يقول تعالى :
(أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوْا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِيْنَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوْا حَتَّى يَقُوْلَ الرَّسُوْلُ وَالَّذِيْنَ آمَنُوْا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللهِ أَلاَ إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيْبٌ. ) 214 آل عمران.
ويبقى الصبر المصحوب بالعمل والثبات هو ما أمرنا به الله تعالى وهو ما نستحق به فضل الصلاة علينا، فالله تعالى لم يصلِ إلا على رسول الله وعلى الصابرين :
(الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) 156 – 157 البقرة

لا يوجد ردود

أضف رد