مع “داعش” بالذات… ردُّ الفعل لا محل له من الإعراب

مارس
28

55415

سهير أومري | أوكسجين العدد 101 السنة الثالثة – الجمعة 14-03-2014
طالعتنا منذ أيام على مواقع التواصل الاجتماعي صورة ومقطع فيديو يظهر فيه بعض جنود ما يسمى بدولة الإسلام في العراق والشام أو ( داعش)، وهم يقومون بقطع يد شاب في الرقة مدعين أنهم يقيمون عليه (الحد) جزاء جريمة السرقة التي ارتكبها…
انبرت لانتقاد هذا الفعل ولرفضه أقلامٌ وصفحاتٌ وفضائياتٌ ملأت وسائل الإعلام بكل أنواعها.
ومع أن موجة الانتقاد هذه بلا شك أمرٌ يدل على حالة صحية تعيشها أطياف شعبنا الذي له في سِفر التاريخ ملحمة عمرها 8 آلاف سنة تحكي حضارةَ أقدمِ عاصمة على وجه الأرض…
إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه : ما فائدة نقدنا هذا إن كان عبارة عن رد فعل لا أكثر!!
وخاصة أن موجة النقد هذه ما تلبث أن تهدأ دون نتائج ملموسة ويبقى أهلنا في الرقة وغيرها يعانون من أفعالهم، ويبقى هذا التنظيم يخطط ويدبر ويعمل و-يجاهد!- ليستمر وجوده وينتشر أكثر فأكثر…
ما قيمة نقدنا لهم ولأي عمل سسياسي أو عسكري إن كان مجرد رد فعل!!
متى نخرج من إطار ردود الأفعال إلى إطار الفعل والعمل والتأسيس والتخطيط والبناء؟!
بمعنى آخر نقدنا اليوم لفعل داعش لن يكون له أثر ما لم نؤسس لفكرٍ عامٍّ، وعقلٍ جمعيٍّ نظيف وسليم يرفض المنهج الذي يوجِّه أفعال هؤلاء وسلوكياتهم…
وما لم نبنِ جيلاً صحيح العقيدة واضح الرؤية لا تخدعه صيحات التكبير وشعارات الخلافة التي يدّعونها والتي يتسترون وراءها لتحقيق مصالح عدونا
فداعش بما نحن عليه اليوم لن تزول وإن زالت فسيحل مكانها من هو أسوأ منها ما لم نؤسس لبيئة شعبية ترفض منهج داعش وأخواتها…
وإحدى وسائل البناء أن تفهم الأجيال زيف وبطلان القواعد الفقهية التي يبنون عليها أحكامهم والتي من أهمها مايلي:
* الدولة الإسلامية لا يكون لها شرعية ببيعة مفروضة غيابية قام بها البعض عن الكل أو قام بها أغراب لا أحد يعرف عنهم شيئاً نيابة عن أهل الأرض وأصحابها
* الدولة الإسلامية لا تكون لها شرعية إذا كان حاكمها نكرة أو مجهولاً لا أحد يعرف اسمه أو رسمه أو مَن يكون،
* التمكين – اليوم – الضروري لقيام الدولة الإسلامية لا يكون في مساحة من الأرض تساوي مساحة المدينة المنورة التي أعلن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم دولة الإسلام ، ولا حتى أكبر منها بقليل .. لأن اعتبارات العصر اليوم تختلف، فإقامة الدولة وإعلانها لا يعود للمساحة المقدرة بالكيلومترات، بل بمدى قدرة المسلمين على بسط نفوذ الإسلام وحماية أهله، فأيام رسول الله لم يكن خبر المسلمين يصل إلى أعتى دول الأرض (فارس والروم) خلال ثانية واحدة كما هو الحال اليوم، كما لم تكن طائرا ت فارس والروم يمكنها أن تحط مقاتلاتها على أرض الدولة الإسلامية خلال 24 ساعة لتهاجم المسلمين في عقر دارهم وتقضي عليهم كما هو الحال اليوم…
لقد صار العالم اليوم قرية صغيرة واختلفت معطيات العصر، وبالتالي اختلف مفهوم التمكين الضروري لقيام الدولة وإعلانها… الأمر الذي يجدر بنا أن نحسن فهم الأحكام، ونحسن قياسها ونتعامل معها وفق معطيات العصر ووسائل تطوره فنتبين أفقاً جديداً لمعنى التمكين ونقيسه بوحدة قياس أخرى غير الكيلومترات المربعة…
* الحدود تدرؤها الشبهات، ولا يقيم الحدود إلا ولاة الأمر في الدولة الإسلامية الشرعية، بعد أن تقوم بواجبها في حماية المواطنين وكفايتهم، كما أن هناك من الحدود ما يُلغى وقت الحرب أو الشدة والعسر والفقر كما فعل سيدنا عمر في أكثر من مرة عندما أوقف حد قطع اليد للسارق.
بهذه الأحكام وغيرها نبني أجيالاً واعية فنسقط كل جهل يريد أن يستطيل مهما ارتدى من ثياب الحضارة والمدنية، أو رفع من رايات التكبير والتوحيد، وبهذا نكون رفعنا أساساً متيناً نبني عليه بلدنا واضعين نصب أعيننا قوله تعالى :
(أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ(109) ) التوبة


لا يوجد ردود

أضف رد