لسؤال: هل الحجاب فرض في الإسلام؟
الجواب: نعم الحجاب فرض في الإسلام 
قبل عرض النقاش والجواب أقول:
قبل أي حوار أو نقاش يجب أن تكون هناك قاعدة فكرية مشتركة بين المتناقشَين ينطلقان منها، ودون هذه القاعدة لن يكون النقاش مجدياً….
بمعنى آخر في مسألة الحجاب لن يكون النقاش مجدياً في حال كان المعارض للحجاب مثلاً لا يؤمن بالله تعالى… فالنقاش هنا لا معنى له من أساسه….
المناقشة:
أقدم لكم فيما يلي الجواب الشافي على ما ورد من نقاط مع ملاحظة أن هذا الجواب الذي أقدمه ينقض فحوى الأفكار ومضمونها، أما أسلوب عرضها فهذا يرجع للمتحدث إذ يتوجب عليه أن يراعي حال المخاطب بحسب ثقافته وبيئته وفئته العمرية….
بسم الله أبدأ….
الحجاب ليس فرضاً في الإسلام وذلك للأسباب التالية:
1 – لأن الله تعالى لم يأمرنا في القرآن بالحجاب بشكل صريح ومباشر كما أمرنا بالصلاة والصيام والحج والزكاة… ولو كان الحجاب فرضاً لوردت آية تأمر نساء المسلمين بأن يغطين شعورهن وتحدد لهن عورة المرأة بشكل مباشر لا لبس فيه فالآية الكريمة: ” ….وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ …..(31) التي يتم تفسيرها على أنها فرضت الحجاب على المسلمات ليس فيها ذكر لا للشعر ولا للرأس فضلاً عن الوجه؟
الجواب:
الآية التي تم ذكرها فيها أبلغ دليل على فرضية الحجاب ووجوبه لأن الفاهم للغة العربية يدرك تماماً أن الخُمُر وهي جمع الخمار تدل على غطاء الرأس حتى إن العرب كانت تسمي “العمامة” التي يرتديها الرجال “خمارا”.. إذا كان يرتديها على نحو يغطي بها رأسه تماماً إلى تحت الحنك… كما أن العرب كانت تسمي الفرس ذات الرأس الأبيض “مخمرة” أي إن رأسها تحديداً هو الذي تخمر.. حتى حديث “خمروا آنيتكم” فإنه أمر منه صلى الله عليه وسلم بتغطيتها، يعني تغطية أعلاها ..أي رأسها.. ومن أحب الاستزادة حول هذا المعنى بإمكانه الرجوع إلى “لسان العرب” الذي يحفظ معاني كلمات اللغة التي بها نزل القرآن الكريم….
إذن نخلص من هذا أن المرأة مأمورة بأن تغطي رأسها وهو ما سماه الله تعالى في القرآن (صــــراحة) بالخمار…
2- الجيب معروف أنه الصدر أو النحر وهذا أمر من الله تعالى أن تستر المرأة صدرها وأعلى جيدها وليس أمراً بالحجاب….
الجواب:
بعد أن تبين لنا أن الخمار إنما هو في اللغة غطاء الرأس فإن ما أمر به الله تعالى في هذه الآية إنما هو تغطية الجيب أيضاً أي أعلى الصدر بحيث تستر المرأة بغطاء رأسها جيبها أي أعلى صدرها أيضاً ذلك لأن من الممكن أن تغطي رأسها ويبقى أعلى صدرها مكشوفاً من جيب ثوبها أي من طوقه (كما يحدث كثيراً هذه الأيام)
3-أما الآية: ”يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (59)” فالأمر هنا بإطالة اللباس (الجلباب) وفق ما تراه المرأة مناسباً لها وعرفاً في عاماً مجتمعها فالله تعالى أمر بالتطويل دون تحديد إلى أين يكون (القدم – الساق – الركبة…)
الجواب:
وهنا أيضاً بالعودة إلى المعنى اللغوي لكلمة جلباب يتبين لنا أن العرب أطلقت كلمة جلباب على رداء المرأة الذي يستر كل جسمها حتى إن من شعراء العرب قديماً من استخدم الكلمة في وصف الليل عندما يحيط بالإنسان ويلفه فقال:
مُجَلْبَبٌ من سَوادِ الليلِ جِلْبابا
إذن ما جاء في الآية إنما هو تأكيد منه تعالى على النساء بأن يدنين عليهن جلابيبهن أي يسترن كامل أجسادهن برداء ساتر….
أما من يقول إن العورة هنا لم يحددها الله تعالى في محكم تنزيله بل تركها لعرف المجتمع وأذواق النساء بحسب بيئاتهن ومجتمعاتهن فإنني أقول: إن هذا يعني أن عورة المرأة ستختلف إذن من مدينة ساحلية حارة إلى مدينة قطبية باردة…. وعلى هذه الحال ستختلف عورة المرأة أيضاً وهي تقف بين يدي ربها في الصلاة، فالتي تعيش مثلاً في مدينة ساحلية حارة يجوز لها أن تقف بين يدي ربها بثوب يصل إلى ركبتيها مثلاً وربما أعلى قليلاً بحسب طبيعة بيئتها ولأن القرآن لم يحدد لها الركبة أو الساق أو القدم، بينما المرأة التي تعيش في البيئة الباردة فتقف في الصلاة بلباس كامل يستر جسدها كله!!!
4- الآية السابقة إن كانت قد فرضت شيئاً من الغطاء والتغطية فذلك لعلة وضحها قوله تعالى:“ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين“ أي للتفريق بين الحرائر والإماء وبما أننا في عصر لا إماء فيه فقد زالت علة الفرض…
الجواب:
أقول إن ما ورد في هذا الادعاء باطل من أساسه ولا أصل له من الصحة أبداً… فالله تعالى يقول في محكم تنزيله: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)
فهل سيتفق هذا البيان الإلهي مع التفسير الوارد بأن الأمر هنا بالحجاب جاء للنساء المسلمات الحرائر في عصر النبوة للتفريق بينهن وبين النساء المؤمنات الإماء للحفاظ على الحرائر من أذى المشركين والمنافقين والسفهاء…. وماذا بشأن الإماء هل يُجيز الله تعالى إذن أن تكون الإماء مشاعاً ودرجة ثانية ليتعرضن للتحرش والأذى كيفما اتفق…. مع العلم أن الآية قد بدأها الله تعالى بالتعميم لكل النساء “قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ” ولم يفرق بين الحرائر والإماء….
إذن الآية نزلت للنساء المؤمنات (كل المؤمنات) تأمرهن بالستر كي يُعرفن أنهن مسلمات وعفيفات فلا يطمع فيهن المشركون أو المنافقون أو ضعاف النفوس من الرجال فيؤذونهن بالتحرش أو عرض البغاء….
5- إننا في عصر تطورت فيه الحياة ووسائل الاتصال والحجاب يمنع المرأة من القيام بدورها الفاعل في الحياة ويجعل الرجل يشعر عندما يراها أنها تعامله مسبقاً باتهام أنه ليس إلا ذئباً بشرياً سيثيره منظرها دون حجاب وبهذا تتضعضع أركان المجتمع وتتعطل قدرته الإنتاجية…. لذا فنحن أحوج ما نكون لخلع الحجاب والانطلاق بحرية فما كان مناسباً لنساء القرن السادس الميلادي ليس بالضرورة أن يكون مناسباً لنساء القرن الحادي والعشرين…. والأحكام تتغير بتغير الأزمان
الجواب:
إذا كنا نعتقد أن الله تعالى خلقنا وأرسلنا إلى هذه الدنيا ثم تركنا لنكتشف ونبتكر أحكاماً تصلح بها حياتنا فنجعلها شريعة لنا نعيش وفقها، ففي هذا ما يخالف صفات الله وأسمائه الحسنى بأنه حكيم ولطيف بعباده ورحيم بهم….
فعندما يخترع شخص ما آلة فهل الآلة تعرف وحدها ما يصلح لها أم أن مخترعها أقدر على معرفة ذلك فيحفظه ويدونه في (كاتلوك) ويرسله مع الآلة….
الأمر دون تشبيه قريب من هذا فإن آمنا أن الله تعالى هو خالقنا وخالق الكون من حولنا سنتيقن عندها أن أحكامه جل جلاله لا تصلح لكل زمان ومكان فحسب بل بها يصلح كل زمان ومكان لأن رب القرن السادس الميلادي هو ذاته رب القرن الحادي والعشرين وربما القرن الثلاثين أيضاً…… هو الخالق والعالم بما خلق (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14) )
إذن عندما أمر الله تعالى المرأة بالحجاب والستر لم ينتقص في ذلك من شأن الرجل بل على العكس تماماً حافظ عليه ووجهه ليتعامل مع المرأة وفق ملكاتها وقدراتها التي يمكن أن تبديها والتي تكون بها إنسانة مثله ترتقي إلى مصاف العمل والإبداع والإنجاز وبناء المجتمع إنها الملكات والقدرات العقلية والنفسية، والتي تختلف كثيراً عن ملكات وقدرات أخرى وهبها الله تعالى إياها لو أبدتها في غير مكانها لكان في ذلك تضعضعٌ لبنيان المجتمع وتعطيل لقدرته الإنتاجية….
6- ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من توضيح عورة المرأة وما شابه ليس حجة على الإطلاق لأنه لم يأت في القرآن ما يؤيده أو يعززه مع أن القرآن أنزله الله تعالى كتاباً مفصلاً قال تعالى: ” أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً.…. 114″ ولكنه لم يذكر عن عورة المرأة شيئاً، والله تعالى في القرآن يأمرنا ألا نأخذ بحديث غير ما جاء في القرآن فهو القائل: “أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ 185″
الجواب:
بناء على ما سبق وذكرنا يكون لكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يتعلق بخصوص عورة المرأة ما يؤيده وما يعززه في القرآن، مع العلم أن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم القولية والفعلية هي إحدى مصادر التشريع في ديننا لقول الله تعالى الصريح: (وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (7) )
و”ما آتاكم” ليست مقيدة بخصوص السبب أي ما أتاكم من المال بل هي بعموم اللفظ أي ما آتاكم من الشرع القويم….. والمعروف أن ما يأتي به الإنسان يكون جديداً يقدمه ويبينه وليس شرطاً أن يكون له أصل… وعلى سبيل المثال هل لعدد ركعات الصلاة وكيفية أدائها أصل في القرآن وهل لكثير من أحكام الصيام والحج تفصيل في القرآن؟!!! ثم إن كنا لن نأخذ بحديث عورة المرأة لأن ليس في القرآن ما يعززه ماذا عن عورة الرجل إذن!!! أمسكوت عنها أم أن الرجل لا عورة له!!!
أرجو أن أكون قد قدمت جواباً شافياً مقنعاً نتسلح به أولاً ثم نحاول أن نقنع به غيرنا… وشكراً جزيلاً لكل من شارك في هذه الزاوية أو قدم رأياً حولها….
آخر الردود