أسباب تدهور العالم الاسلامى
ديسمبر
09
د / محمد عدنان سالم
إن مشكلة العالم الإسلامي في صميمها هي مشكلة حضارته..
فلقد استطاع على هدي رسالة السماء (اقرأ) أن يبني أسرع حضارة وأوسعها وأكثرها عطاءً في التاريخ الإنساني، ثم كبا جواده كبوةً طال أمدها، فما يزال يتلمس سبل النهوض منها قروناً، من دون أن يفلح..
ليس غريباً أن يكبو الجواد، فلكل جواد كبوة، وليس غربياً أن تغرب شمس الحضارة عن أمة، فلكل إشراقة شمس مغرب.. لكن الغريب أن لا يتبع الكبوة نهوض، ولا يتبع الغروب شروق..
الحضارة دولة بين الأمم، وللحضارة دورةٌ يصعد بها جيل، ويستمر بها جيل يليه، ويهبط بها جيل ثالث، كما رصد ذلك ابن خلدون.. ثم وضح المفكر الجزائري مالك بن نبي هذه الدورة الحضارية بخط بياني يمثل معادلة رياضية طرفاها الواجب والحق، ومحصلتها الحالة الحضارية التي تعيشها الأمة، فجيل الصعود هو جيل العطاء والتضحيات الذي لا يرى بعينه إلا الواجبات متناسباً الحقوق، واثقاً من أنها حاصلة بشكل تلقائي، فإذا قام كل فرد في الأمة بواجبه، حصل كلٌ على حقه تلقائياً من دون أن يطلبه، وبذلك ترجح كفة الواجبات والعطاء الذي يشيد الحضارات، ثم يأتي من بعده جيل يتمتع بالمستوى الحضاري الذي تركه الآباء حقاً من حقوقه، في الوقت الذي لا تزال لغة الواجبات وأدائها ماثلة أمام عينيه، فتتعادل كفتا الحقوق والواجبات، وتسير الحضارة فيه على خط مستقيم يعطي بقدر ما يأخذ. ثم يأتي الجيل الثالث؛ يطلب حقه في الاستمتاع بمنتجات حضارة الآباء، وينسى واجبه في إضافة لبنات جديدة على البناء، فيميل خطه للانحدار حتى يصل إلى الهاوية.. تلك سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد السنة الله تبديلاً.
ففي بلد كل من فيه يطلب الحقوق، من يعطي هذه الحقوق؟ ولمن؟
آخر الردود